الفصل الاول


 استيقظ ثلاثتنا على هذا المنظر الذي لم نستطع بعد تفسيره ،  نفترش الارض وسط زحام اولئك الأشخاص الذين يترددون جيئة و ذهابا حاملين اي شيء  تقع عليه أعينهم حتى آخر مزهرية خزفية ، القصر اصبح فارغا ولانزال نحن الثلاثة نتفحص المكان بصدمة

"لقد اخذوا كل شيء !"

لقد كان صعبا علينا بالفعل رؤية اولئك الأشخاص يفرغون القصر من اثاثه بقلة حيلة

"كله بسببك ، لو قبلتِ عرض المركيز لما خلصنا الى هذه الحال !"

تحدثت روز بغضب وحنق شديدين تخاطب صاحبة الشعر الاسود الجالسة بجوارها تحتضن تلك الصغيرة الباكية  
"لست في مزاج جيد للجدال معكِ ، روز !"
"لطالما كنت كذلك ، حتى بعد الفوضى التي حلت تصرين على عدم تحمل المسؤولية ، انتِ السبب في كل ما يحدث  "

استنشقت بعض الهواء محاولة تهدئة اعصابي كي لا انفجر ، ابتلعت تلك الكلمات اللاذعة المتزاحمة التي تنتظر الإشارة للخروج ..

"لا شأن لك !"
"هه ، تقولين  لا شأن لي ، أنت حقا .."

كانت على وشك صفعي بالفعل إذ ارتفعت يدها قبل أن تصرخ بنا سارة  بصوت مبحوح وعيون باكية قائلتا :

"توقف ، انتما تزيدان الطين بلة ولا تحلان المشكلة بالصراخ والشجار"

شهقت بقوة ثم أضافت بينما تهوي ببطئ  :
"لقد اختفى والدنا بالفعل ، فر هاربًا ، علينا ايجاد حل للخلاص من الديون بدل الوقوف والصراخ و القاء اللوم على بعضنا البعض"

ما قالته صحيح ، لن ينفع الصراخ وإلقاء اللوم في شيء ، المركيز لن يرحمنا إن لم ندفع ما علينا من ديون ، علينا ايجاد حل

" ليلين أختي ، انا خائفة "

نطقت سارة بصوت مرتعش ، تشبثت بذراعي بقوة فور رؤيتها لذلك الهيكل الواقف و حوله مجموعة من الرجال ببذلاتهم السوداء

" المركيز !؟"

  تلك الرجفة التي هزت كياني ، عجزت عن الوقوف  ، كافحت بشدة للوقوف بإعتدال ، سحبت نفسا طويلا ثم ابتلعت ريقي بصعوبة ، انا اعلم جيدا ما سيحدث الآن ، ثلاث سيدات  لديهن نسبة متفاوتة من الجمال ، وحدهن ، يحملن على كاهلهن ديون كبيرة ، هن بحاجة الى معجزة او شجرة تثمر اموالا لتسديد تلك الديون ، كما أن الشخص الذي هن مدينات له مجنون لا رحمة في قلبه .

" ألكساندر بنجامين بوربون "

همست ليلين بحنق شديد تتفرس ملامح الواقف امامها ، تلك النظرة الساخرة

" ليلين ، عزيزتي ، مر وقت طويل لم أرك فيه  "

ابتسمت ملئ شدقيها ثم ردت و نظرات السخط والغضب لا تزال تخترق بها خاصته .

"وقت طويل ، فعلا ، هو كذلك ، سعادة المركيز "

نطقت بها مؤكدةً على كل كلمة قالتها خاصة كلماتها الأخيرة ، تراقب ذلك الشخص الذي راح يتردد جيئةً و ذهابا في ارجاء القاعة يتفحص جدرانها .

" أرى انك تبلين حسنا مقارنة بشخص سلبت منه جميع ممتلكاته ، لم تتغيرِ ابدا "

نظرت إليه من رأسه حتى أخمص قدميه بحنق ثم قالت بعد أن ضحكت ساخرة :

" رأيت الرغبة الشديدة في عينيك ما دفعني الى  عدم الرضوخ "

لقد تابعت ملامح وجهه بنظراتها ، كيف تصلب وجهه 
" انا لن اغضب وحدي " رددت ليلين في نفسها ، كانت من البداية ترغب بجعل غضب هذا الشخص يصل الى الذروة تماما كما فعل هو ، لكن ..

ارتفعت زوايا فمه  ، تلك الابتسامة ، تقدم نحوها بخطوات متزنة يتفحص ملامحها ، ليلين كانت تنظر الى جميع الاتجاهات عدا وجهه ، لقد لاحظ ذلك ، كيف كانت تمسك بثوبها الابيض بقوة .
" خائفة ؟!"
صوته الذي اخترق اذنها اقشعر له جسدها و ارتعش له كتفاها ، اصابعه التي راحت تقتفي الجزء العاري من ضهرها ، أنفاسه ترتطم بعنقها ، كان قريبا جدا ، رفعت يديها ، أرادت دفعه و بقوة لكن ما حدث جعل عينيها تفتحان على نطاق واسع 

سحب وسط غفلتها الشريط الاحمر الذي كانت تربط به شعرها الاسود الطويل لينسدل خلف ضهرها يغطي الجزء المكشوف منه ثم تراجع .

مرر نظراته الحادة  على اولئك الخمسة الواقفين خلفه ما دفعهم الى اشاحة أنظارهم فورا 
تقدم احد رجاله يحمل كرسيا خشبيا ، سحب بنجامين الكرسي ثم اعتدل جالسا يواجه النسوة الثلاث .
" لنشرع في المهم الآن .."

انتشل ذلك الدفتر من يدي الشخص الواقف بجانبه ثم رفعه نحو ليلين .

كنت على وشك السقوط ارضا ، لقد شعرت بالارض تدور حولي ، كاد قلبي يتوقف ، صفحات ذلك الدفتر ممتلئة تماما ، تلك الغصة التي سكنت حلقي ، انا حتى لا اعلم كيف ..

" كنت واثقة جدا قبل لحظات ، ليلين هل تحتاجين لكوب من المال ؟ لقد اصبح وجهك شاحبا عزيزتي" قال ساخر يراقب ردة فعلها .

اما عن اولئك الأشخاص ببذلاتهم السوداء فقد كانوا يحاولون كتم ضحكاتهم بصعوبة ، في حين كانت الشقيقتان الكبرى و الصغرى مصدومتين ، تمسكت سارة بثوب ليلين تحاول بجهد حبس شهقاتها اما روز فقد كانت ..

" سعادة المركيز يمكنك اخذ ليلين بدل الدين !"

كانت تغزل في ذهنها الخطط بدهاء ، روز أرادت أن تخرج من هذه المشكلة كالشعرة من العجين بغض النظر عن التضحيات التي ستقدمها ، هي لا تريد لهذه المصيبة أن تفسد سمعتها قبل زواجها ، فكرت ..
" كما تعلم انا خطبت للنبيل لانسلوت برادلي و سارة صغيرة جدا لتكون عروسا ، الامر محزن حقا لو لم أكن مخطوبة لتحملت ال- .."

" هل انت ليلين ؟! " بتر كلامها مقاطعا يرمقها بنظرة احتقار

" ع-عفوا !؟"

استنشق الهواء بغضب ثم رد بنبرة صوت عالية مؤكدا على كل كلمة يقولها

" قلت هل انت ليلين لتتخذي مثل هذا القرار ؟"

تفرس ملامحها بغضب ثم ضحك ساخر و أردف :

" انا أكره النساء الحمقاوات امثالك بشدة ، أشعر برغبة شديدة في خنقهن بيدي هاتين "

نظرته الدموية تلك جعلت انفاس روز تعلق في حلقها تأبى الصعود ما دفعها للتراجع و التزام الصمت

تراجع بنجامين نحو الخلف ، أراح ظهره ثم إلتفت نحو ليلين ، أشار بأصبعه نحوها 

" أنتِ تعا- "

ابتلع ما كان على وشك قوله فور إقترابها منه ، نظرتها تلك

"سوف أعيدها ، أموالك ، فقط أعطني شهر واحدا كمهلة وسأدفعها كلها "

استقامت بكل شموخ ، رفعت رأسها ترمق ذلك الجالس بنظرات تحدي متشبعة بالكبرياء ، بدا و كأن لديها خطة ، كانت واثقة

كيف لها أن تكون بهذه الصلابة في مثل هذه الحال ، هي لا تملك شيء ، هذا واضح ، لماذا تصرين على المجابهة ليلين ، أنتِ ..

لكم جانب الكرسي بقوة ثم استقام واقفا ، نظر مطولا في عينيها بلون الرماد يعتصر اسنانه بغضب ، راقب هدوء ملامحها ما زاده غضبا و استياء ، رفع يده ،
كانت خائفة هي تعلم جيدا مدى سوداوية وعنف هذا الشخص ، لقد تخيلت المشهد بالفعل ، تفترش الارض الالم يغزو جانب وجهها ، أغلقت عينيها بإحكام ، ما الذي سيحدث .. 
"شهر واحد ، واحد فقط "

ماذا ؟! فتحت عينيها تدريجيا 
" لنرى الى اين ستصلين بعنادك وغرورك ذاك "

تعليقات